فورد تطور طراز «فوكس آر إس» إلى سيارة تغني عن مركبة متفوقة

ربما ينظر أصحاب السيارات الرياضية السريعة المصنفة كسيارات «متفوقة» إلى مالكي سيارة «فورد فوكس آر إس» ببعض الحسد، لسبب بسيط، وهو اضطرارهم لدفع مبلغ من ستة أرقام للحصول على سيارتهم المتفوقة، في حين أن مالكي سيارة «فورد فوكس»، المتواضعة نسبيا، لم يتكلفوا أكثر من 25 ألف جنيه استرليني لشراء سيارة، قد لا تجاري تماما سيارتهم، ولكنها توفر تقريبا نفس فرص القيادة الرياضية السريعة.

فرع شركة «فورد» في أوروبا توصل إلى إنجاز لافت للأنظار بتطويره «فورد فوكس آر سي»، انطلاقا من طرازاتها القديمة لتطل بحلة جديدة، ومحرك تبلغ قوته 300 حصان.

عمليا، حققت «فورد» بهذه السيارة إنجازا لم تعرف صناعة السيارات مثيلا له منذ أن طبقت شركة «أودي» مبدأ الدفع على العجلات الأربع على سياراتها الصالون من طراز «كواترو» في أوائل الثمانينات.

ومما يزيد من جاذبية «فورد فوكس آر سي» أنها تبدو، من مظهرها الخارجي، وكأنها سيارة «فورد فوكس» عادية خضعت لعمليات تجميل محدودة، ولكنها، في الواقع، أخضعت إلى عملية جراحية كبرى، فقد باتت مزودة بأقواس كبيرة فوق العجلات، وجوانح لتنظيم انسياب الهواء وزيادة تمسك العجلات بالأرض، فضلا عن أنبوبين كبيرين لتصريف غازات العادم. وكل هذه التعديلات جزء من عملية تطوير واسعة تحت جسم هذه السيارة الجديدة بالكامل. ولكن ماذا عن قيادة هذه السيارة؟ ربما يصعب العثور على نظير لها في فئتها وسعرها، لاسيما في حالات القيادة لمسافات طويلة. والضغط على دواسة البنزين يحوِّل «فورد فوكس آر سي» إلى ما يشبه النمر الهائج الذي يطارد فريسته.

تجدر الإشارة إلى أن لـ «فورد» تاريخا حافلا في تحويل السيارات المتواضعة نسبيا إلى سيارات سريعة، مقابل دولارات قليلة. لكن آخر طرازات «فوكس آر إس» التي سبقت طرازها الأخير لم يكن بمستوى أفضل، فالجيل السابق من «آر إس» لم يتمكن من ترجمة ما يحصل عليه سائق الطراز الجديد من قوة في المحرك. المشكلة كانت تكمن في نظام الدفع على العجلتين الأماميتين، فعلى الرغم من أن هذا المبدأ صالح وعملي، خصوصا أنه لا توجد وصلة دفع إلى العجلتين الخلفيتين التي تتميز بها عادة السيارات العاملة بالدفع الخلفي، مما يقلل من الأجزاء المتحركة أولا، ومن عدد الآليات ثانيا، وبالتالي يمنح السيارة سعة داخلية إضافية، ويخفض من كلفة صناعتها. وفي السيارات ذات الدفع الأمامي يوضع المحرك مباشرة على العجلتين الأماميتين، مما يبسط الأمور، ويزيد من الفعالية في الوقت ذاته. غير أن المشكلة تبقى في أن العجلتين الأماميتين تقومان بمهمتين: الأولى توجيه السيارة (يمينا أو يسارا)، والثانية القيام بعملية دفع، أو الأصح سحب السيارة، مما يزيد من وطأة الضغط عليهما. وقد لا تظهر بوضوح هذه المعاناة التي تتحملهما عادة العجلتان الأماميتان في حال قيادة سيارة عائلية صغيرة، لكن هذا العبء يصبح كبيرا وأسوأ كلما كانت السيارة أكثر قوة على صعيد القدرة الحصانية، علما بأنه قبل خمس سنوات تقريبا حدد مهندسو السيارات القدرة القصوى لسيارات الدفع الأمامي بـ 200 حصان مكبحي فقط، على اعتبار أنها الحد الأقصى لما يمكن وضعه بأمان على العجلتين الأماميتين. وكان الطراز السابق من «فوكس آر إس» يتمتع بقوة 212 حصانا مكبحيا. وعلى الرغم من الأساليب المختلفة التي لجأ إليها مهندسو «فورد» للتغلب على هذه العقبة، بقيت وفرة من القدرات الحصانية التي لم تتمكن السيارة من تحملها. وقد ظلت تعاني من كل عقبة صغيرة تصادفها على الطرقات، كالمطبات والحفر والمنعطفات الحادة، مع تحمل السائق للإرهاق بعد فترة غير قصيرة من القيادة، مما كان يجعله غير قادر على تحقيق سرعة أعلى.

لكن السبب الذي مكن «فورد» من رفع قوة المحرك إلى 300 حصان في الطراز الجديد هو آلية أوتوماتيكية تحد من انزلاق العزم الانحرافي للترس التفاضلي، التي تطورها اليوم شركة «كويف» المتخصصة في علب تروس السرعة، فلدى الخروج بسرعة من منعطف ما؛ يعمل هذا النظام على منح مزيد من القوة إلى العجلة الخارجية، مما يقلل من تدويم العجلة الداخلية، وبذلك يتيح للسائق الشروع في التسارع في وقت مبكر، وبالتالي تجاوز المنعطف بسرعة أكبر.

ومثل هذه التقنية تستخدم حاليا في السيارات المشتركة في الراليات، وسباق «فورميولا 1». ومن ميزات هذه التقنية جعل الدفع رقيقا من العجلة، مما يجنب السيارة تغيير خط سيرها، والحيلولة دون انحرافها بشدة، فضلا عن أنه يتيح لها التسارع على الطرق الوعرة نسبيا.

وهذا الأسلوب أفضل بكثير من نظام الدفع الرباعي الحالي في السيارات العادية من فئة سيارة «فورد فوكس». ثم هناك الكثير من القوة والعزم اللذين يمكن استغلالهما. والمحرك المشحون توربينياً من صنع «فولفو»، جرت موالفته لكي ينتج 300 حصان مكبحي من القدرة و324 رطلا/ قدم من عزم الدوران. جدوى هذه الأرقام تظهر جلية في حال قيادة هذه السيارة الرائعة على طريق ملتوية، إذ تثبت للسيارات المتفوقة أن القوة وحدها لا تعني شيئا. قد لا تستطيع هذه السيارة التغلب على السيارات المتفوقة في سباق على طريق مستقيمة، ولكن حال الوصول إلى المنعطفات تتحول القيادة إلى أمر آخر. إنها سيارة رالي من الدرجة الأولى. والتشابه لا ينتهي هنا، فقد تقسو على السيارة قدر ما تشاء، ومع ذلك يبقى الهيكل السفلي لـ «فوكس آر سي» يلبيك، بحيث يطوي الطريق ومنعطفاته والعجلات متشبثة بالطريق إلى أقصى حد. والسائقون الذين تسنى لهم قيادتها يقولون «إن نظام التعليق الرائع فيها يتعامل مع المطبات الشديدة فيها براحة تامة، كسجادة علاء الدين».

إلا أن هذه السيارة لا تخلو من عيوب بسيطة، فناقل الحركة فيها، السداسي السرعات، خشن بعض الشيء، ويفترض أن يكون أكثر سلاسة. وبمعزل عن عدادين إضافيين، ومقاعدها المجوفة الخاصة بالسباقات، فإن داخلها يشبه أي سيارة «فورد فوكس» عادية.

وبالإضافة إلى ذلك، تستطيع هذه السيارة التسارع من سرعة الصفر إلى سرعة 62 ميلا في الساعة خلال 5.6 ثوان لتحقق سرعتها القصوى البالغة 163 ميلا في الساعة، وبذلك أثبتت أنها أسرع من شقيقتها الكبرى سيارة «فورد جي تي» المتفوقة الشهيرة، فخر صناعات «فورد». باختصار، سيارة تحتوي على هذه المواصفات، ولا يزيد سعرها عن 25 ألف جنيه استرليني في المملكة المتحدة، تعتبر صفقة لا تفوت، وفي متناول الشباب غير القادرين على شراء السيارات الرياضية السريعة الأكثر تفوقا